In this post a part from Ibn Qayyim al Jawziya;s book"KITABUR RUH"" will be posted.
Please note that Ibn Qayyim Al Jawziya was a student of Ibn Taymiah and one of the scholars whom wahabis follow blindly.
الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة
ابن قيم الجوزية
المسألة الأولى وهي هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا قال
ابن عبد البر ثبت عن النبي أنه قال : ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام فهذا نص في أنه بعينه ويرد عليه السلام وفي الصحيحين عنه من وجوه متعددة أنه أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربى حقا فقال له عمر يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال والذي بعثنى بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون جوابا وثبت عنه صلى الله وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه وقد شرع النبي لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبى الدنيا في كتاب القبور باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء حدثنا محمد بن عون حدثنا يحيى بن يمان عن عبد الله بن سمعان عن زيد بن أسلم عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت قال رسول الله ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم حدثنا محمد بن قدامة الجوهرى حدثنا معن بن عيسى القزاز أخبرنا هشام بن سعد حدثنا زيد بن أسلم عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام حدثنا محمد بن الحسين حدثنى يحيى بن بسطام الأصغر حدثنى مسمع حدثنى رجل من آل عاصم الجحدرى قال رأيت عاصما الجحدرى في منامى بعد موته بسنتين فقلت أليس
قدمت قال بلى قلت فأين أنت قال أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزنى فنتلقى أخباركم قال قلت أجسادكم أم أرواحكم قال هيهات بليت الاجسام وإنما تتلاقى الارواح قال قلت فهل تعلمون بزيارتنا إياكم قال نعم نعلم بها عشية الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس قال قلت فكيف ذلك دون الأيام كلها قال لفضل يوم الجمعة وعظمته وحدثنا محمد بن الحسين حدثنى بكر بن محمد حدثنا حسن القصاب قال كنت أغدو مع محمد بن واسع في كل غداة سبت حتى نأتى الجبان فنقف على القبور فنسلم عليهم وندعو لهم ثم ننصرف فقلت ذات يوم لو صيرت هذا اليوم يوم الاثنين قال بلغنى أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما بعدها حدثني محمد حدثنا عبد العزيز بن ابان قال حدثنا سفيان الثورى قال بلغنى عن الضحاك أنه قال من زار قبرا يوم السبت قبل طلوع الشمس علم الميت بزيارته فقيل له وكيف ذلك قال لمكان يوم الجمعة حدثنا خالد بن خداش حدثنا جعفر بن سليمان عن أبى التياح قال كان مطرف يغدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج قال وسمعت أبا التياح يقول بلغنا انه كان ينور له في سوطه فأقبل ليلة حتى إذا كان عند مقابر القوم وهو على فرسه فرأى أهل القبور كل صاحب قبر جالسا على قبره فقالوا هذا مطرف يأتى الجمعة قلت وتعلمون عندكم يوم الجمعة قالوا نعم ونعلم ما يقول فيه الطير قلت وما يقولون قالوا يقولون سلام سلام حدثني محمد بن الحسين حدثنى يحيى بن أبى بكير حدثنى الفضل بن موفق ابن خال سفيان بن عيينة قال لما مات أبى جزعت عليه جزعا شديدا فكنت آتى قبره في كل يوم ثم قصرت عن ذلك ما شاء الله ثم انى اتيته يوما فبينا أنا جالس عند القبر غلبتنى عيناى فنمت فرأيت كأن قبر ابى قد انفرج وكأنه قاعد في قبره متوحشا أكفانه عليه سحنة الموتى قال فكأني بكيت لما رأيته قال يا بنى ما أبطأ بك عني قلت وإنك لتعلم بمجيئي قال ما جئت مرة إلا علمتها وقد كنت تأتينى فآنس بك وأسر بك ويسر من حولى بدعائك قال فكنت آتية بعد ذلك كثيرا حدثني محمد حدثني يحيى بن بسطام حدثنى عثمان بن سودة الطفاوى قال وكانت أمه من العابدات وكان يقال لها راهبة قال لما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء فقالت يا ذخرى
وذخيرتى ومن عليه اعتمادى في حياتى وبعد موتى لا تخذلنى عند الموت ولا توحشنى في قبرى قال فماتت فكنت آتيها في كل جمعة فأدعو لها وأستغفر لها ولأهل القبور فرأيتها ذات يوم في منامى فقلت لها يا أمه كيف أنت قالت أى بنى ان للموت لكربة شديدة وإنى بحمد الله لفي برزخ محمود نفترش فيه الريحان ونتوسد فيه السندس والاستبرق إلى يوم النشور فقلت لها ألك حاجة قالت نعم قلت وما هى قالت لا تدع ما كنت تصنع من زيارتنا والدعاء لنا فإنى لأبشر بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت من أهلك يقال لي يا راهبة هذا ابنك قد أقبل فأسر ويسر بذلك من حولى من الأموات حدثنى محمد بن عبد العزيز بن سليمان حدثنا بشر بن منصور قال لما كان زمن الطاعون كان رجل يختلف إلى الجبان فيشهد الصلاة على الجنائز فإذا أمسى وقف على باب المقابر فقال آنس الله وحشتكم ورحم غربتكم وتجاوز عن مسيئكم وقبل حسناتكم لا يزيد على هؤلاء الكلمات قال فأمسيت ذات ليلة وانصرفت إلى أهلى ولم آت المقابر فأدعو كما كنت أدعو قال فبينا أنا نائم إذا بخلق كثير قد جاءونى فقلت ما أنتم وما حاجتكم قالوا نحن أهل المقابر قلت ما حاجتكم قالوا إنك عودتنا منك هدية عند انصرافك إلى أهلك فقلت وما هى قالوا الدعوات التي كنت تدعو بها قال قلت فإنى أعود لذلك قال فما تركتها بعد حدثنى محمد حدثنى أحمد بن سهل حدثنى رشد بن سعد عن رجل عن يزيد بن أبى حبيب ان سليم بن عمير مر على مقبرة وهو حاقن قد غلبه البول فقال له بعض أصحابه لو نزلت إلى هذه المقابر فبلت في بعض حفرها فبكى ثم قال سبحان الله والله إنى لأستحي من الأموات كما استحي من الأحياء ولولا أن الميت يشعر بذلك لما استحيا منه وأبلغ من ذلك أن الميت يعلم بعمل الحى من أقاربه وإخوانه قال عبد الله بن المبارك حدثنى ثور بن يزيد عن ابراهيم عن أبى أيوب قال تعرض أعمال الأحياء على الموتى فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وإن رأوا سوءا قالوا اللهم راجع به وذكر ابن أبى الدنيا عن أحمد بن أبى الحوارى قال حدثنى محمد أخى قال دخل عباد بن عباد على ابراهيم بن صالح وهو على فلسطين فقال عظنى قال بم أعظك أصلحك الله بلغنى أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الموتى فانظر ما يعرض على رسول الله من عملك فبكى ابراهيم حتى اخضلت لحيته قال ابن أبى الدنيا وحدثنى محمد بن الحسين حدثنى خالد بن عمرو الأموى حدثنا صدقة بن سليمان الجعفرى قال كانت لى شرة سمجة فمات أبى فأنبت
وندمت على ما فرطت قال ثم زللت أيمازلة فرأيت أبى في المنام فقال أى بنى ما كان أشد فرحى بك أعمالك تعرض علينا فنشبهها
بأعمال الصالحين فلما كانت هذه المرأة استحييت لذلك حياء شديدا فلا تخزنى فيمن حولى من الاموات قال فكنت أسمعه بعد ذلك يقول في دعائه في السحر وكان جارا لي بالكوفة أسألك إنابة لا رجعة فيها ولا حور يا مصلح الصالحين ويا هادى المضلين ويا أرحم الراحمين وهذا باب في آثار كثيرة عن الصحابة وكان بعض الأنصار من أقارب عبد الله بن رواحة يقول اللهم إنى أعوذ بك من عمل أخزى به عند عبد الله بن رواحة كان يقول ذلك بعد أن استشهد عبد الله ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال وقد علم النبي أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويردو إن لم يسمع المسلم الرد وإذا صلى الرجل قريبا منهم شاهدوه وعلموا صلاته وغبطوه على ذلك قال يزيد بن هارون أخبرنا سليمان التيمى عن أبى عثمان النهدى أن ابن ساس خرج في جنازة في يوم وعليه ثياب خفاف فانتهى إلى قبر قال فصليت ركعتين ثم اتكأت عليه فوالله إن قلبى ليقظان إذ سمعت صوتا من القبر إليك عنى لا تؤذنى فإنكم قوم تعملون ولا تعلمون ونحن قوم نعلم ولا نعمل ولأن يكون لى مثل ركعتيك أحب إلى من كذا وكذا فهذا قد علم باتكاء الرجل على القبر وبصلاته وقال ابن أبى الدنيا حدثنى الحسين بن على العجلى حدثنا محمد بن الصلت حدثنا اسماعيل ابن عياش عن ثابت بن سليم حدثنا أبو قلابة قال أقبلت من الشام إلى البصرة فنزلت منزلا فتطهرت وصليت ركعتين بليل ثم وضعت رأسى على قبر فنمت ثم انتبهت فإذا صاحب القبر يشتكينى يقول قد آذيتني منذ الليلة ثم قال إنكم تعملون ولا تعلمون ونحن نعلم ولا نقدر على العمل ثم قال الركعتان اللتان ركعتهما خير من الدنيا وما فيها ثم قال جزى الله أهل الدنيا خيرا أقرئهم منا السلام فإنه يدخل علينا من دعائهم نور أمثال الجبال
وحدثنى الحسين العجلى حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا مالك بن مغول عن منصور عن زيد بن وهب قال خرجت إلى الجبانة فجلست فيها فإذا رجل قد جاء إلى قبر فسواه ثم تحول إلى فجلس قال فقلت لمن هذا القبر قال أخ لى فقلت أخ لك فقال أخ لى في الله رأيته فيما يرى النائم فقلت فلان عشت الحمد لله رب العالمين قال قد قلتها لأن أقدر على أن أقولها أحب إلى من الدنيا وما فيها ثم قال ألم تر حيث كانوا يدفنوننى فإن فلانا قام فصلى ركعتين لأن اكون أقدر على أن أصليهما أحب إلى من الدنيا وما فيها حدثنى أبو بكر التيمى حدثنا عبد الله بن صالح حدثنى الليث بن سعد حدثنى حميد الطويل عن مطرف بن عبد الله الحرشى قال خرجنا إلى الربيع في زمانه فقلنا ندخل يوم الجمعة لشهودها وطريقنا على المقبرة قال فدخلنا فرأيت جنازة في المقبرة فقلت لو اغتنمت شهود هذه الجنازة فشهدتها قال فاعتزلت ناحية قريبا من قبر فركعت ركعتين خففتهما لم أرض اتقانهما ونعست فرأيت صاحب القبر يكلمنى وقال ركعت ركعتين لم ترض اتقانهما قلت قد كان ذلك قال تعملون ولا تعلمون ولا نستطيع أن نعمل لأن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إلى من الدنيا بحذافيرها فقلت من ها هنا فقال كلهم مسلم وكلهم قد أصاب خيرا فقلت من ها هنا أفضل فأشار إلى قبر فقلت في نفسى اللهم ربنا اخرجه إلى فأكلمه قال فخرج من قبره فتى شاب فقلت أنت أفضل من ها هنا قال قد قالوا ذلك قلت فبأى شيء نلت ذلك فوالله ما أرى لك ذلك السن فأقول نلت ذلك بطول الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله والعمل قال قد ابتليت بالمصائب فرزقت الصبر عليها فبذلك فضلتهم وهذه المرائى وإن لم تصح بمجردها لاثبات مثل ذلك فهى على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا الله قد تواطأت على هذا المعنى وقد قال النبي أرى رؤيا رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطؤ روايتهم له وكتواطؤ رأيهم على استحسانه واستقباحه وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح على أنا لم نثبت هذا بمجرد الرؤيا بل بما ذكرناه من الحجج وغيرها وقد ثبت في الصحيح أن الميت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن شماسة المهرى قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلا وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول ما يبكيك يا أبتاه أما يشرك رسول الله بكذا فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإنى كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتنى وما احد أشد بغضا لرسول
الله منى ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلما جعل الله الاسلام في قلبى لقيت رسول الله فقلت ابسط يدك فلأبايعك فبسط يمينه قال فقبضت يدى قال فقال مالك يا عمرو قال قلت أردت أن اشترط قال تشترط ماذا قلت أن يغفر لى قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وما كان أحد أحب إلى من رسول الله ولا أجل في عينى منه وما كنت اطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأنى لم أكن أملأ عينى منه ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدرى ما حالى فيها فإذا أنامت فلا تصحبنى نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا على التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ما أراجع به رسل ربي فدل على أن الميت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسر بهم وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبد الحق يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وممن رأى ذلك المعلى بن عبد الرحمن وكان الامام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع عن ذلك وقال الخلال في الجامع كتاب القراءة عند القبور اخبرنا العباس بن محمد الدورى حدثنا يحيى بن معين حدثنا مبشر الحلبى حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال أبى إذا أنامت فضعنى في اللحد وقل بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن على التراب سنا واقرأ عند رأسى بفاتحة البقرة فإنى سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدورى سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة على القبر شيئا فقال لا وسألت يحيى ابن معين فحدثنى بهذا الحديث قال الخلال وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثنى على بن موسى الحداد وكان صدوقا قال كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهرى في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي قال ثقة قال كتبت عنه شيئا قال نعم فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد فارجع وقل للرجل يقرأ
وقال الحسن بن الصباح الزعفراني سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال لا بأس بها وذكر الخلال عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرءون عنده القرآن قال وأخبرني أبو يحيى الناقد قال سمعت الحسن بن الجروى يقول مررت على قبر أخت لي فقرأت عندها تبارك لما يذكر فيها فجاءني رجل فقال إنى رأيت أختك في المنام تقول جزى الله أبا على خيرا فقد انتفعت بما قرأ أخبرني الحسن بن الهيثم قال سمعت أبا بكر بن الأطروش ابن بنت أبي نصر بن التمار يقول كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة فيقرأ سورة يس فجاء في بعض أيامه فقرأ سورة يس ثم قال اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثوابا فاجعله في أهل هذه المقابر فلما كان يوم الجمعة التي تليها جاءت امرأة فقالت أنت فلان ابن فلانة قال نعم قالت إن بنتا لي ماتت فرأيتها في النوم جالسة على شفير قبرها فقلت ما أجلسك ها هنا فقالت إن فلان ابن فلانة جاء إلى قبر أمه فقرأ سورة يس وجعل ثوابها لأهل المقابر فأصابنا من روح ذلك أو غفر لنا أو نحو ذلك وفي النسائي وغيره من حديث معقل بن يسار المزني عن النبي أنه قال اقرأوا ^ يس ^ عند موتاكم وهذا يحتمل أن يراد به قراءتها على المحتضر عند موته مثل قوله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ويحتمل أن يراد به القراءة عند القبر والأول أظهر لوجوه الأول أنه نظير قوله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله الثاني انتفاع المحتضر بهذه السورة لما فيها من التوحيد والمعاد والبشرى بالجنة لأهل التوحيد وغبطة من مات عليه بقوله ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فتستبشر الروح بذلك فتحب لقاء الله فيحب الله لقاءها فإن هذه السورة قلب القرآن ولها خاصية عجيبة في قراءتها عند المحتضر وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي قال كنا عند شيخنا أبي الوقت عبد الأول وهو في السياق وكان آخر عهدنا به أنه نظر إلى السماء وضحك وقال ^ يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ^ وقضى الثالث إن هذا عمل الناس وعادتهم قديما وحديثا يقرأون ^ يس ^ عند المحتضر الرابع إن الصحابة لو فهموا من قوله اقرأوا ^ يس ^ عند موتاكم قراءتها عند القبر لما أخلوا به وكان ذلك أمرا معتادا مشهورا بينهم
الخامس ان انتفاعه باستماعها وحضور قلبه وذهنه قراءتها في آخر عهده بالدنيا هو المقصود وأما قراءتها عند قبره فإنه لا يثاب على ذلك لأن الثواب إما بالقراءة أو بالاستماع وهو عمل وقد انقطع من الميت وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلى على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ويروى هذا الحديث أبي هريرة مرفوعا قال فإن لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام قال ويروى من حديث عائشة رضى الله عنها أنها قالت قال رسول ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام قال وقال سليمان بن نعيم رأيت النبي في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك ويسلمون عليك أتفقه منهم قال نعم وأرد عليهم قال وكان يعلمهم أن يقولوا إذا دخلوا المقابر السلام عليكم أهل الديار الحديث قال وهذا يدل على أن الميت يعرف سلام من يسلم عليه ودعاء من يدعو له قال أبو محمد ويذكر عن الفضل بن الموفق قال كنت آتى قبر أبي المرة بعد المرة فأكثر من ذلك فشهدت يوما جنازة في المقبرة التي دفن فيها فتعجلت لحاجتي ولم آته فلما كان من الليل رأيته في المنام فقال لي يا بني لم لا تأتيني قلت له يا أبت وإنك لتعلم بي إذا أتيتك قال أى والله يا بنى لا أزال أطلع عليك حين تطلع من القنطرة حتى تصل إلى وتقعد عندي ثم تقوم فلا أزال أنظر إليك حتى تجوز القنطرة قال ابن أبى الدنيا حدثنى إبراهيم بن بشار الكوفي قال حدثني الفضل بن الموفق فذكر القصة وصح عن عمرو بن دينار أنه قال ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم ليغسلونه ويكفنونه وانه لينظر إليهم وصح عن مجاهد أنه قال إن الرجل ليبشر في قبره بصلاح ولده من بعده
فصل ويدل على هذا أيضا ما جرى عليه عمل الناس قديما وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل ويروى فيه حديث ضعيف ذكره الطبرانى في معجمه من حديث أبى أمامة قال قال رسول الله إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولايجيب ثم ليقل يا فلان ابن فلانة الثانية فإنه يستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان ابن فلانة يقول أرشدنا رحمك الله ولكنكم لاتسمعون فيقول أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فان منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منهما ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون الله ورسوله حجيجه دونهما فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال ينسبه إلى امه حواء فهذا الحديث وإن لم يثبت فإتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير انكار كاف في العمل به وما أجرى الله سبحانه العادة قط بأن أمه طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا وأوفرها معارف تطيق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك لاينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا ان المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وان استحسنه واحد فا لعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر جنازة رجل فلما دفن قال سلوا لأخيكم التثيب فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا منصرفين وذكر عبد الحق عن بعض الصالحين قال مات أخ لى فرأيته في النوم فقلت يا أخي ما كان حالك حين وضعت في قبرك قال أتاني آت بشهاب من نار فلولا أن داعيا دعا لي لهلكت وقال شبيب بن شيبة أوصتني أمى عند موتها فقالت يا بنى إذا دفنتني فقم عند قبرى وقل يا أم شبيب قولى لا إله إلا الله فلما دفنتها قمت عند قبرها فقلت يا أم شبيب قولى لا إله إلا
الله ثم انصرفت فلما كان من الليل رأيتها في النوم فقالت يا بنى كدت أهلك لولا أن تداركني لا إله إلا الله فقد حفظت وصيتى يا بنى وذكر ابن أبى الدنيا عن تماضر بنت سهل امرأة أيوب بن عيينة قالت رأيت سفيان بن عيينة في النوم فقال جزى الله أخى أيوب عنى خيرا فإنه يزورني كثيرا وقد كان عندى اليوم فقال أيوب نعم حضرت الجبان اليوم فذهبت إلى قبره وصح عن حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف ابن مالك كانا متآخيين قال صعب لعوف أى أخى أينا مات قبل صاحبه فليتراءا له قال أو يكون ذلك قال نعم فمات صعب فرآه عوف فيما يرى النائم كأنه قد اتاه قال قلت أى أخى قال نعم قلت ما فعل بكم قال غفر لنا بعد المصائب قال ورأيت لمعة سوداء في عنقه قلت أى أخى ما هذا قال عشرة دنانير استسلفتها من فلان اليهودي فهن في قرني فأعطوه إياها وأعلم أن أى أخي انه لم يحدث في أهلى حدث بعد موتى إلا قد لحق بى خبره حتى هرة لنا ماتت منذ أيام واعلم أن بنتى تموت إلى ستة أيام فأستوصوا بها معروفا فلما أصبحت قلت إن في هذا لمعلما فأتيت أهله فقالوا مرحبا بعوف أهكذا تصنعون بتركة إخوانكم لم تقربنا منذ مات صعب قال فأتيت فأعتللت بما يعتل به الناس فنظرت إلى القرن فأنزلته فأنتثلت ما فيه فوجدت الصرة التي فيها الدنانير فبعثت بها إلى اليهودي فقلت هل كان لك على صعب شيء قال رحم الله صعبا كان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هى له قلت لتخبرني قال نعم اسلفته عشرة دنانير فنبذتها إليه قال هى والله بأعيانها قال قلت هذه واحدة قال فقلت هل حدث فيكم حدث بعد موت صعب قالوا نعم حدث فينا كذا حدث قال قلت اذكروا قالوا نعم هرة ماتت منذ ايام فقلت هاتان اثنتان قلت أين أبنة أخى قالوا تلعب فأتيت بها فمسستها فإذا هى محمومه فقلت استوصوا بها معروفا فماتت في ستة أيام وهذا من فقه عوف رحمه الله وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهى في القرن ثم سأل اليهودى فطابق قوله لما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعب وهى لأيتامه وورثته إلى يهودى بمنام
ونظير هذا من الفقه الذي خصهم به دون الناس قصة ثابت بن قيس بن شماس وقد ذكرها أبو عمر بن عبد البر وغيره قال أبو عمر أخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج حدثنا سعيد بن عفير وعبد العزيز بن يحيى المدني حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن إسماعيل بن محمد بن ثابت الأنصارى عن ثابت ابن قيس بن شماس أن رسول قال له يا ثابت أما ترضي أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة قال مالك فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيدا قال أبو عمرو روى هشام بن عمار عن صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني عطاء الخراساني قال حدثتني ابنة ثابت بن قيس بن شماس قالت لما نزلت يا أيها الذين آمنو لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي دخل أبو هابية وأغلق عليه بابه ففقده رسول الله وأرسل إليه يسأله ما خبره قال أنا رجل شديد الصوت أخاف أن يكون قد حبط عملى قال لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير قال ثم أنزل الله ^ إن الله لا يحب كل مختال فخور ^ فأغلق عليه بابه وطفق يبكي ففقده رسول الله فأرسل إليه فأخبره فقال يا رسول الله إني أحب الجمال وأحب أن أسود قومى فقال لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة قالت فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة فلما التقوا وأنكشفوا قال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ثم حفر كل واحد له حفرة فثبتا وقاتلا حتى قتلا وعلى ثابت يومئذ ذرع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها فبينما رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه فقال له أوصيك بوصية فاياك أن تقول هذا حلم فتضعيه إني لما قتلت أمس مربى رجل من المسلمين فأخذ ذرعى ومنزلة في أقصي الناس وعند خبائه فرس يستين في طوله وقد كفا على الدرع برمة وفوق البرمة رجل فأت خالدا فمره أن يبعث إلى درعى فيأخذها وإذا قدمت المدينة على الخليفة رسول الله يعني أبا بكر الصديق فقل له أن على من الدين كذا وكذا وفلان من رقيقى عتيق وفلان فأتي الرجل خالدا فأخبره فبعث إلى الدرع فأتي بها وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته قال ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس رحمه الله انتهى ما ذكره أبو عمرو فقد اتفق خالد أبو بكر الصديق والصحابة معه على العمل بهذه الرؤيا وتنفيذ الوصية بها وانتزاع الدرع ممن هى في يده وهذا محض الفقه وإذا كان أبو حنيفة وأحمد ومالك يقبلون قول المدعي من الزوجين ما يصلح له دون الآخر يقرينه صدقة فهذا أولى
وكذلك أبو حنيفة يقبل قول الدعى للحائط بوجود الآجر إلى جانبه وبمعاقد القمط وقد شرع الله حد المرأة بأيمان الزوج وقرينة تكون لها فإن ذلك من أظهر الأدلة على صدق الزوج وأبلغ من ذلك قتل المقسم عليه في القسامة بأيمان المدعين مع القرينة الظاهرة من اللوث وقد شرع الله سبحانه قبول قولى المدعين لتركه ميتهم إذا مات في السفر وأوصي إلى رجلين من غير المسلمين فاطلع الورثة على خيانة الوصيين بأنهما يحلفان بالله ويستحقانه وتكون أيمانهما أولى من أيمان الوصيين وهذا أنزله الله سبحانه في آخر الأمر في سورة المائدة وهى من آخر القرآن ولم ينسخها شيء وعمل بها الصحابة بعده وهذا دليل على أنه يقضي في الأموال باللوث وإذا كان الدم يباح باللوث في القسامة فلأن يقضي باللوث وهو القرائن الظاهرة في الأمول أولى وأحرى وعلى هذا عمل ولاة العدل في استخراج السرقات من السراق حتى أن كثيرا ممن ينكر ذلك عليهم يستعين بهم إذا سرق ماله وقد حكى الله سبحانه عن الشاهد الذي شهد بين يوسف الصديق وامرأة العزيز أنه حكم بالقرينة على صدق يوسف وكذب المرأة ولم ينكر الله سبحانه عليه ذلك بل حكاه عنه تقريرا له وأخبر النبي عن نبي الله سليمان بن داود أنه حكم بين المرأتين اللتين ادعتا الولد للصغرى بالقرينة التى ظهرت له لما قال ائتوني بالسكين أشق الولد بينكما فقالت الكبرى نعم رضيت بذلك للتسلى بفقد ابن صاحبتها وقالت الأخرى لا تفعل هو ابنها فقضي به لها للشفقة والرحمة التى قامت بقلبها حتى سمحت به للأخرى ويبقي حيا وتنظر إليه وهذا من أحسن الأحكام وأعدلها وشريعة الإسلام تقرر مثل هذا وتشهد بصحته وهل الحكم بالقيافة والحاق النسب بها اللاعتماد على قرائن الشبة مع اشتباهها وخفائها غالبا المقصود أن القرائن التى قامت في الرؤيا عوف بن مالك وقصة ثابت بن قيس لا تقصر عن كثير من هذه القرائن بل هى أقوى من مجرد وجود الآجر ومعاقد القمط وصلاحية المتاع للمدعى دون الآخر في مسألة الزوجين والصانعين وهذا ظاهر لاخفاء به وفطر الناس وعقولهم تشهد بصحته وبالله التوفيق والمقصود جواب السائل وأن الميت إذا عرف مثل هذه الجزيئات وتفاصليها فمعرفته بزيارة الحى له وسلامة عليه ودعائه له أولى وأحرى